Monday, August 19, 2013

لبنان: تفجيرات ارهابية وصراعات طائفية وأزمة لاجئين

18 08 2013

من الضروري بناء حركة عمالية مستقلة لمواجهة الارهاب والطائفية والعنصرية

تامر مهدي

الثلاثاء 15 آب/اغسطس جرى ما كان الجميع يتوقعه ويهابه، تفجير آخر لسيارة معبئة بحوالي الـ400 كلغ من المتفجرات في الضاحية الجنوبية لبيروت وأكثر الاحياء اقتظاظاً بالسكان وفي وقت الزروة، أدى الى سقوط حوالي الـ25 قتيلاً وأكثر من 300 جريح. وسارع العديد من الاحزاب والسياسيين بإتهام إسرائيل بمحاولة للقول بأن العملية ليست عملية من طرف سني ضد الشيعة، بإعتقادهم ان هذا يسحب فتيل الاحتقان المذهبي الذي يكبر يوماً بعد يوم.

وأتى هذا التفجير المريع والارهابي باستهدافه المدنيين في سوق شعبي ضمن سلسلة من هجومات على الضاحية الجنوبية التي تعتبر منطقة تابعة لنفوذ حزب الله. فمنذ حوالي الثلاثة أشهر ثلاث صواريخ مجهولة المصدر سقطت على الضاحية ذات الاغلبية الشيعية والتي تحتوي على ابرز المراكز والمؤسسات التابعة لحزب الله. وكانت هذه الصواريخ رسالة واضحة للحزب أي أنها أتت بعد إعلانه رسمياً بلسان امينه العام نصرالله انه يقاتل الى جانب النظام في سوريا. وفي 9 تموز/يوليو جرى تفجير سيارة مفخخة في الضاحية سقط فيه 50 جريحا. ويخيم اليوم القلق على سكان الضاحية وهناك احساس كبير بأن المزيد من العمليات الإرهابية آتية لا محالة.

وفي 16 آب/اغسطس، خلال خطاب في الذكرى السابعة لانتهاء الحرب الاخيرة مع إسرائيل، اعلن نصرالله ان منفذ هذه التفجيرات الارهابية هي المجموعات التكفيرية التي تستعمل نفس الاسلوب في العراق وسوريا وافغانستان، وإن هذه العمليات "ستدفعنا على الاصرار أكثر للقتال في سوريا". وأعلن الحرب على المجموعات التكفيرية قائلاً: "اننا كما انتصرنا على اسرائيل سننتصر على التكفيريين".

تأتي هذه العملية الارهابية في واحدة من أعقد الظروف التي يعيشها المجتمع في لبنان ومجتمعات المنطقة، سياسياُ وإقتصادياً، فبات تأثير حمام الدم السوري كبيراً جداً وهناك إنقسامات بين الطبقات الحاكمة التي تستخدم الطائفية للحفاظ على نفوذها ما يزيد من الانقسامات العامودية في المجتمع. وكلا طرفي الصراع متورط في الحرب في سورية نظراً لارتباطهم بالقوى الاقليمية والدولية. وفي ظل إنشغال القوى في المنطقة بمشاكلها الداخلية وبالحرب في سوريا وبالتطورات المتسارعة في مصر، من المستبعد بلورة تسوية من قبل الطبقة الحاكمة في المستقبل القريب. وتدل كل المؤشرات على ان الايام والاسابيع القادمة ستكون حامية ومكلفة جدا بالنسبة للطبقة العاملة والجماهير الفقيرة.

منذ حوالي الستة اشهر ولبنان بلا حكومة. وتتحجج الطبقة الحاكمة بتدهور الوضع الامني كي تبرر تمديدها لمجلس النواب لمدة سنتين، وكأنها ليس لها علاقة وليست مسؤولة عن الوضع الامني كطبقة حاكمة، وهي نفسها تحكم منذ عشرات السنين. ويأتي هذا في ظل ارتفاع مخيف في نسب البطالة وخاصة بين الشباب المعطلين عن العمل بنسبة تزيد عن الـ40%، وفي ظل ازدياد اعداد اللاجئين السوريين بحيث زكرت بعض التقارير بأنها تجاوزت المليون ما يعني أنها تشكل اليوم ربع سكان لبنان. وهناك غياب كامل لخطط استيعاب هذا العدد الكبير من اللاجئن السوريين، كما كان وما زال الحال بالنسبة لمليون ونصف فلسطيني. وتستخدم الأحزاب أسلوب التخويف من هذا العدد لتغطية فشلها في تأمين الوظائف والكهرباء ةالماء والخدمات الاجتماعية ما يغذي العنصرية ضد اللاجئين والطائفية ما بين الجميع.

وفي بعض القرى والمدن الصغيرة اصبح عدد اللاجئن اكثر من سكان البلدة وعمدت بعض البلديات لأساليب عنصرية بحجة "ضبط الامن" مستندة على تقارير تشير الى أن نسبة الجريمة اليومية ارتفعت بشكل كبير من سرقة وسطو وقتل وتحرش جنسي وغيرها من الجرائم. ولكن ارتفاع الجرائم له جذور اقتصادية واجتماعية والكثير من هذه الجرائم يقوم بها لبنانيون نتيجة البطالة والفقر والفساد والفوضة واضطهاد واستغلال المرأة، والمسؤول عن هذه الظروف المتخلفة هم الطبقة الرأسمالية الحاكمة في حين أن من يدفع الثمن الأعلى هم العمال والفقراء واللاجئين.

وهناك ركود اقتصادي على كافة الصعد. قطاع السياحة يواجه الخسارات جراء عدم الاستقرار الامني والسياسي ما أدى بالفعل الى طرد العديد من العمال من قبل أصحاب بعض المؤسسات السياحية كالفنادق والمطاعم. القطاعات الصناعية والزراعية تشهد هبوطاً وهي بالاصل ضعيفة نتيجة السياسات النيو-ليبرالية لدى رفيق الحريري الذي اغتيل (ورئيس الوزراء من العام 1992 – 2004) والذي حول اقتصاد لبنان الى هيمنة شركات العقارات الخاصة به، ناهيك عن الخصخصة، ما زاد نسبة الفقر والبطالة في الارياف والمدن خارج العاصمة. والشركات الاعلامية الممولة من قبل دول مختلفة تمر في أزمة في وقت أن الدول هذه لا تجد لبنان بذات الاهمية اليوم وبدأت تخفض دعمها المادي ما أدى الى عمليات طرد جماعية.

وما تزال الحكومة المكلفة بتصريف الاعمال لحين تشكيل حكومة جديدة ترفض ارسال سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام الى مجلس النواب. وما تزال تتحجج بالحجج ذاتها كعدم وجود مصادر للتمويل، علماً ان هيئة التنسيق النقابية قدمت خطة كاملة عن كيفية التمويل وتكلفة زيادات الرواتب عبر الضرائب التصاعدية على شركات العقارات والبنوك والمرافئ. ولكن الحكومة رضخت لما يسمى بـ"الهيئات الاقتصادية "، اي تجمع اصحاب رأس المال، التي تعتبر أحد اكبر الحاكمين في البلد والتي لها تأثير كبير على السلطة.

وكان هناك شريحة كبيرة من الطبقة العاملة والشباب والفقراء ينظرون بأمل الى اضراب القطاع العام المفتوح في الربيع الماضي، والى التصعيد النقابي غير المسبوق منذ انتهاء الحرب الاهلية في العام 1990، على أنه من الممكن أن يحصل على مكاسب ويجبر الحكومة الفاشلة على التراجع. وكان من المككن ان تلعب هيئة التنسيق النقابية (النقابات المستقلة) دوراُ كبيراُ في قيادة الطبقة العاملة عبر تحرك سياسي يوحدها ضد الفساد والطائفية، الا أنها حصرت مطالبها بزيادت اجور عمال القطاع العام والمعلمين وبعدم مناداتها جميع العمال والشباب، وخاصة المعطلين عن العمل.

كانت فرصة لاستقطاب الشباب من ايدي الاحزاب الطائفية ولبناء حركة طبقية ضد استغلالهم كوقود لحرب أهلية اخرى ولكنها ضاعت ما أدى الى برودة الحركة شيئاً فشيء وتباعد عدد كبير من الشباب والعمال عن هيئة التنسيق. اليوم هيئة التنسق تقوم بحملة لجمع مليون توقيع فيها مطالب متعددة، وتهدد بأن المليون توقيع سيتحولون لمليون متظاهر. ولكن هذه الحملة لا تترافق مع حملات في الشارع للتحضير لهكذا تحرك وهناك تشاؤم حول قدرتها على قيادة النضال بعد أن هزم الاضراب المفتوح. ولكن ما زالت النقابات المستقلة قادرة على لعب دور كبير اذا ما وسعت مطالبها وبدأت ببناء بديل سياسي مستقل للطبقة العاملة يقف في وجه الطائفية ويقطع مع الرأسمالية الفاسدة.


لا بديل عن بناء حركة عمالية موحدة بوجه الطبقة الحاكمة. هناك ضرورة لبناء حركة في قيادتها النقابات المستقلة والشباب، لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، تحت برنامج اشتراكي ديمقراطي كالخيار الوحيد أمام الطبقة العاملة في لبنان والمنطقة لقطع الطريق أمام الانقسامات الطائفية والعرقية. هكذا حركة، اذا شكلت، ستكون البديل الوحيد بوجه الراسمالية الفاشلة والعفنة والهمجية، وقد تنادي جميع العمال في المنطقة للتوحد بوجه والقضاء على الفقر والاحتلال والحروب.

Tuesday, August 13, 2013

الثورة والثورة المضادة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

المدرسة الصيفية – اللجنة لأممة العمال

07 08 2013

ضرورة قيادة مستقلة للطبقة العاملة

أليسون هيل - الحزب الاشتراكي (اللجنة لأممية العمال في انكليترا وويلز)

لقد مرت سنتان ونصف سنة منذ انتطلاق "الربيع العربي" - سلسلة الأحداث التي أدت الى تحول جذري في الشرق الأوسط. هكذا افتتح سيرج جوردن النقاش عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا التحول كان على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية. ويجري اليوم رسم الخريطة الجغرافية السياسية الجديدة التي تحتوي على كافة عناصر الثورة والثورة المضادة، الحرب، والحرب الأهلية والعنف الطائفي والأزمات الاقتصادية، وتغير أنظمة وعدم استقرار وتدخل إمبريالي.

هذا خليط معقد العوامل يتطلب استعراض وتحليل مستمر، وتصبح الامور أكثر تعقيدا نتيجة تسارع وتيرة التغيير والأحداث والتفاعل بين البلدان. على سبيل المثال، على الاحتجاجات المناهضة للتقشف الأخيرة في إسرائيل، بعض المتظاهرين كانوا يحملون لافتات في اشارة الى الحركة الجماهيرية في مصر. ولكن هناك ديناميكية محددة في كل بلد.

ليبيا
في ليبيا، حيث الحركة العمالية ضعيفة، هناك حالة فريدة من نوعها تتميز بالفوضى وإنعدام الأمن والعنف. وقد ارتفع معدل جرائم القتل بشكل كبير وبدأت الحكومة المركزية استمالة الميليشيات للحفاظ على النظام. ولكن هناك الآن اندلاع للعنف بين الميليشيات المتناحرة. على الرغم من أن هناك مزيد من تأجيج عدم الاستقرار، اضرب العمال عن العمل في حقول النفط.
في المغرب هناك تصاعد للتوترات الاجتماعية. النخبة الحاكمة تستعد لصراع الطبقي من المحتمل أن ينطلق قبل التهجم على الإعانات الغذائية.

مصر هي في قلب العالم العربي لذلك كانت الإطاحة بمرسي نقطة تحول دراماتيكية ساعدت على التعجيل بالتطورات السياسية في بلدان أخرى. ويجري نشر سحابة من الارتباك من قبل المعلقين الرأسمالين وحتى من قبل بعض اليسار. أسئلة مثل دور الجيش، - كان انقلابا؟ ام كانت ثورة؟ ومن الخطأ فرض شروط صارمة عندما تكون هناك فعلا عناصر من الثورة والثورة المضادة في هذه الحالة.
الحركة الجماهيرية الثورية الحقيقية اجبرت الجيش على الانقلاب، ولكن من الخطورة بمكان أن يكون هناك أي أوهام في الجيش. وأي إجراءات قمعية ضد الإخوان المسلمين سوف تستخدم ضد الطبقة العاملة. آلة الدولة القديمة لا تزال موجودة.
بحجة معارضة الإسلام السياسي يمكن أن تستخدم من قبل الدولة لتوطيد السلطة فهناك تفشي للعنف الذي تمارسه الدولة بوحشية. وقد تميل بعض الفصائل الإسلامية نحو العنف الإرهابي ردا على هذا القمع الذي تمارسه الدولة.

المجموعات الاسلامية
على الطبقة العاملة تطوير تمثيلها السياسي الخاص وإلا بعض هذه الجماعات الإسلامية من الممكن أن تملأ الفراغ. ويمكن أن تسيطر على الفقراء إذا لم يكن اليسار موجودا. هذه الجماعات لا تتحدث مجرداً عن الجهاد. انها توزع الغذاء والدواء وغيرها من الأمور، وتشكل هيئات اجتماعية موازية في بعض المناطق. الشباب الغاضب هم الأكثر عرضة للجذب من الجهاديين - وفشل الأنظمة لتوفير أساسيات الوجود لهؤلاء الشباب يعني أرضا خصبة للجهاديين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

في تونس، كما في مصر، المعركة بين الطبقات هي العامل الرئيسي. هناك حرب طبقية مكثفة تجري، كما هو واضح عبر العديد من الاضرابات. في مصر كان هناك 5544 مظاهرة في الأشهر الخمسة الماضية، وفي تونس، على مدى فترة مماثلة، كانت هناك إضرابات في 215 شركة.

هذا الصراع الطبقي لا يستبعد صراعات بين أجنحة سياسية مختلفة من الطبقة الحاكمة. في مصر لا يوجد أي شك في أن القيادات العليا للجيش استغلت الحركة الجماهيرية للتخلص من جماعة الإخوان المسلمين المنافسة. لم تتمكن جماعة الإخوان المسلمين السيطرة الكاملة على أجهزة الدولة.

في تونس يمكن أن يكون مغريا للبعض أن ينظر إلى الجناح العلماني من الطبقة الحاكمة للعب دور إيجابي. ولكن هذا أمر خطير. التفكير في تطوير دولة علمانية أولا وثم في وقت لاحق الاشتراكية سيلقي الطبقة العاملة في أيدي العدو الطبقي.
وهي ليست حالة "إما العلمانية أو الدينية" فلقد تم الترويج للقوى اليمينية الرجعية من قبل الحكومات العلمانية كوسيلة لمعارضة الطبقة العاملة.

"الجزأرة"
ما يسمى بـ"جزأرة" مصر يشير إلى دروس من الجزائر في التسعينيات، حيث العواقب المروعة للطبقة العاملة والفقراء سدت الطريق امام المنظور الطبقي المستقل. بعض اليسار هلل الانقلاب ضد جبهة الإنقاذ الإسلامية في عام 1992 ولكن كان هناك حملة من الإرهاب من قبل الجيش. ولكن 200.000 شخصا لقوا حتفهم وحصل دمار اجتماعي واقتصادي دفع ثمنه الفقراء والطبقة العاملة.

النظام الجزائري الآن متخوف من انتشار الحركة الجماهيرية. انه يحاول توفير أكثر للشباب - فتح دور السينما، مما يجعل الحانات مفتوحة حتى منتصف الليل، وحتى طلاء المباني في وسط الجزائر العاصمة. انهم يحاولون منع التمرد. وهناك أزمات لدى الطبقة العليا في الدولة الجزائرية، وذلك جزئيا بسبب الحالة الصحية للرئيس.

لا نظام واحد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستقر. هناك خوف ​​عام بين الطبقات الحاكمة حول التطورات في مصر. وكان هناك انخفاض سريع في دعم الأنظمة الإسلامية الجديدة. حوالي 63٪ من سكان مصر يشعرون أنهم أسوأ حالا من ذي قبل تولي مرسي السلطة. و أكثر من 4500 مصنع اغلقت منذ ذلك الوقت.

وهذه هي الأزمة الاقتصادية التي تحد من نطاق الأنظمة الجديدة. دعا كاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخرا لبينوشيه جديد ليحكم مصر. ولكن هذه الخطوة هي هزيمة حاسمة للطبقة العاملة وليست ممكنة حاليا للطبقة الحاكمة، فالثورات لا تزال تمتلك موارد اجتماعية هائلة.

وبهدف تطوير علاقة جيدة مع النظام وتجنب الانهيار الاقتصادي والمزيد من الاضطرابات الثورية، تم التفاوض على قروض صندوق النقد الدولي لمصر ما يحتوي على قيود من المرجح أن تشعل، وبتصاعد، التحركات من الاسفل. وذلك في حين أن تلك الدول - مثل الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والكويت – تقوم بتشديد خناق القمع على شعوبها.

المأساة السورية
في سوريا هناك أزمة إنسانية. 6000 انسان يغادر يومياً. ويتدفق اللاجؤون الى الأردن وتركيا ولبنان، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في تلك البلدان. الزراعة في أزمة لذلك هناك نقص في المواد الغذائية، والجماعات المتنافسة تحول بنادقها على بعضها البعض - فهناك حروب أهلية داخل حرب أهلية.

وهناك تحول في ميزان القوى تجاه الأسد مؤخرا. لقد عُزّزت قوته عبر الدعم من إيران والعراق وحزب الله، ما احرج وضع الإمبريالية الغربية.  الى أين سيصل سلاح المتمردين السوريين في نهاية المطاف؟ الأسد من الممكن أن يستطيع الحفاظ والسيطرة على جزء من البلاد لفترة من الوقت، ولكن أيا كان ما سيحدث فنحن ننظر الى صراع دموي طويل.

وفي الوقت نفسه، فإن الطبقة الحاكمة الإسرائيلية لديها أسبابها الخاصة للمزيد من المغامرات العسكرية - وهذا لا يعني سوى المزيد من زعزعة الاستقرار.

خلال النقاش أعطيت أمثلة حيث الكثيرمن الناشطين السياسيين أخطأوا عندما بحثوا عن الجناح "التقدمي" للبرجوازية (الطبقة الرأسمالية) لإنقاذهم، بدلا من فهم حاجة الطبقة العاملة لبناء التمثيل السياسي بنفسها. في تركيا، انفحصت هذه الأفكار التي لها أساس في التأثير الستاليني. ولكن الناس تعلموا أن الطبقة الحاكمة لديها خوفا أكبر من الحركة الجماهيرية للعمال، وانه يمكنها أن تأخذ اجراءات أبعد بكثير من قمع الحريات الشخصية للدفاع عن المصالح الخاصة بها.

وأعطى الآخرون نظرة ثاقبة لظروف العمال في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان هناك تفاصيل لا تعطى الا في البلدان التي فيها عمال انضموا إلى "اللجنة لأميية العمال".

فلسطين
وأوضح المتحدثون من إسرائيل / فلسطين أن الطبقة الحاكمة الإسرائيلية تدخل في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية ولكن ليس لديها الرغبة في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية. لكنها لا تريد أن تلهم حركة الاستقلال الفلسطيني النضال في إسرائيل.

وعلى مدى العامين الماضيين في إسرائيل كان هناك حركة ضد غلاء المعيشة. وعمال الاجور المنخفضة إنضموا إلى نقابات عمالية، يهود وعرب معاً. ولكن لا يوجد نقابات لديها موقف واضح من الاحتلال. حتى الآن 39% في استطلاعات الرأي الاخيرة قالت ان المستوطنات مضيعة للمال، وهذا قد ارتفع من 24٪ في العام الماضي. وقال 31% أن المستوطنين عقبة في طريق السلام.

ومن الواضح أن الأولوية الرئيسية هي للبرنامج الذي لديه حق تقرير المصير بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، كجزء من النضال الاشتراكي من أجل التغيير. الانتفاضة الفلسطينية الجديدة يجب أن تناشد الطبقة العاملة الإسرائيلية. ولن يكون هناك أمن للعمال الاسرائيليين دون حرية للفلسطينيين - وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال برنامج اشتراكي.
في تلخيص ممتاز للنقاش، نايل مولهولاند من الأمانة العامة الدولية للجنة لأممية العمال قال أن الحركات الثورية اليوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جذورها في الأزمة العالمية للرأسمالية. لا نظام، على أساس الرأسمالية، قادر على منح الإصلاحات الدائمة.

في مصر كانت الحركة في يونيو حزيران من أعظم الحركات الجماهيرية في تاريخ العالم. الثورة والثورة المضادة موجودة معاً. والجنرالات لم يخططوا للانقلاب ولكن عشية الاضراب العام خافوا من ان تتمكن الجماهير من اسقاط النظام برمته. والآن النظام الجديد تحت الضغط لتأمين السلع.

لكن لا تزال هناك احتياطيات كبيرة من الطاقة من حركة يونيو / حزيران وهناك فئات جديدة من العمال أصبحت ناشطة. ولكن ما هو مفقود هو البديل الثوري الجماهيري. النظام في صراع مستمر مع الطبقة العاملة والجهاديون قد يكسبون في تلك الحالة. ولكن العمال تعلموا دروس بسرعة - استغرق الأمر سنة واحدة فقط ليطاح بنظام الإخوان المسلمين.

البلقنة
في العديد من البلدان هناك مخاطر البلقنة أو حتى التفكك. في سوريا، فقد شجع الأسد على الحرب الأهلية الطائفية للبقاء في السلطة، والغرب ودول الخليج أيضاً بالتدخل وإطالة أمد النزاع عن طريق تسليح المعارضة.

في العراق هناك خطر من تفكك طائفي كما يجري إعادة رسم المنطقة على أسس طائفية.
في إسرائيل / فلسطين "المحادثات حول المحادثات" الجديدة لن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية حقيقية. بسبب المستوطنات فمن المرجح أن أي دولة فلسطينية مقترحة لن تكون حتى قريبة.

دعوتنا هي لدولتين اشتراكيتين، كجزء من اتحاد اشتراكي، ما يعني إعادة رسم الحدود ولكن على أساس اتفاق بين الناس العاملين وبعد الإطاحة بالرأسمالية.

وهناك حاجة إلى نضالات جديدة تحاكي الانتفاضة الأولى في معنى رفض الإرهاب الفردي وأي تحالف مع الأنظمة العربية الرجعية. لكن الانتفاضة الأولى فشلت في نهاية المطاف في أهدافها بسبب عدم وجود قيادة عمالية مستقلة، على أساس طبقي. النضال الجماهيري الجديد لا يمكن أن ينجح الا من خلال مناداة الطبقة العاملة الإسرائيلية للنضال المشترك.
تم اختبار أفكار اللجنة لأممية العمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يجعل من الممكن كسب أنصار جدد في عدد من بلدان المنطقة في النضالات والمناسبات القادمة.